تفسير آيات النكاح من سورة النور
محبة الله ورسوله
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد اسم> وعلى آله وصحبه ومن .. أما بعد:
قال المؤلف رحمه الله باب قول الله تعالى: رسم> وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ قرآن> رسم> وقوله: رسم> قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ قرآن> رسم> .
عن أنس اسم> أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رسم> لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين متن_ح> رسم> أخرجاه.
ولهما عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رسم> ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار متن_ح> رسم> وفي رواية: رسم> لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى متن_ح> رسم> إلى آخره .
وعن ابن عباس اسم> رضي الله عنهما قال: من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك، ولن يجد عبد طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك. وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يجدي على أهله شيئا. رواه ابن جرير اسم> .
وقال ابن عباس في قوله تعالى: رسم> وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ قرآن> رسم> قال: المودة.
هذا الباب يتعلق بالشرك في المحبة، وبيان أن المحبة عبادة، ويراد بها المحبة القلبية، وأنها لا يجوز أن يشرك فيها مع الله غيره.
جعل الباب على هذه الآية الكريمة في سورة البقرة، وقد ذكر الآية أيضًا كدليل على تفسير التوحيد في الأبواب المتقدمة في أول الكتاب.
فقول الله تعالى: رسم> وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ قرآن> رسم> يقول المؤلف في المسائل في أول الكتاب: فدل على أنهم يحبون الله حبًا شديدًا ولم يدخلهم في الإسلام، فكيف بمن أحبهم أقوى أو أكثر من حب الله؟! فكيف بمن أحب الند وحده ولم يحب الله؟!
أخبر تعالى عن هؤلاء أنهم يحبون أندادهم كحبهم لله يحبون أندادًا: رسم> يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ قرآن> رسم> ؛ أي يحبونهم كحبهم لله أي حبهم لله وحبهم للأنداد على حد سواء.
فجعلهم الله تعالى مشركين، وسماهم أندادًا، والأنداد هو الشرك، قال الله تعالى في أول سورة البقرة: رسم> فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ قرآن> رسم> أي لا تجعلوا له ندًا. الند هو الشبيه والمثيل.
فإذا اتخذوا أندادًا في المحبة فقد أشركوا، وإذا اتخذوا أندادًا في التعظيم فقد أشركوا، وإذا اتخذوا أندادًا في التقرب إليهم فقد أشركوا، ولكن هذه الآية فيها التنديد في المحبة: أي لا تجعلوا لله ندًا في المحبة، بل اجعلوا محبتكم لله تعالى وحده؛ أي المحبة القلبية، ولا تصرفوا منها شيئًا لمخلوق فتعظمونه كما تعظمون الله، وذلك بلا شك مما يجعلكم مشركين قد جعلتم لله أندادًا في المحبة.
ثم قوله تعالى: رسم> يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّه قرآن> رسم> قيل المراد: يحبونهم كحبهم لله؛ أي حبهم لله وحبهم للأنداد على حد سواء، وقيل: يحبون الأنداد كالحب الذي يجب لله؛ أي يصرفون المحبة للأنداد وهي حق الله، فالواجب عليهم أن يحبوا الله تعالى ولكن صرفوا محبتهم لتلك الأنداد؛ أي كالحب الذي يجب أن يصرفوه ويجعلوه لله تعالى.
قال تعالى: رسم> وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ قرآن> رسم> ؛ أي أن المؤمنين أشد حبًا لله من هؤلاء، قيل: المراد أشد حبًا لله من المنددين لأندادهم؛ وذلك لأن المؤمنين يحبون الله تعالى لأنه معبودهم وربهم، وهؤلاء يحبون الأنداد لأنها في زعمهم تنفعهم، ولاشك أن محبة الله الذي هو ربنا وخالقنا والذي هو المعطي والمانع أقوى عند أهل الإيمان الصادق من محبة هؤلاء لأندادهم.
وقيل: إن المراد أشد حبًا لله من هؤلاء لله؛ لأنهم يحبون الله، ومحبة المؤمنين لله أقوى من محبتهم لله؛ وذلك لأن محبة المؤمنين خالصة ليس معها شيء يخالطها، وأما محبة أهل الأنداد فإنها مشتركة؛ لأن أندادهم قد أخذت جزءا منها، والمحبة الخالصة أقوى من المحبة المشتركة.
فالحاصل أن في هذا دليل على أن الله تعالى هو الذي يجب على المؤمنين أن يحبوه بكل قلوبهم، وألا يصرفوا شيئًا من المحبة لغيره المحبة القلبية المحبة السرية.
معلوم أن الإنسان قد يحب من أحسن إليه ولكن لا يصل به ذلك الحب إلى أن يصرف له حق الله تعالى من التعظيم والاحترام والعبادة والتذلل وما أشبه ذلك.
مسألة>